الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ: {إلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا}: أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الدِّيَةَ لِأَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ إلَّا أَنْ يَصَدَّقُوا بِهَا عَلَى الْقَاتِلِ؛ وَالِاسْتِثْنَاءُ إذَا تَعَقَّبَ جُمَلًا عَادَ إلَى جَمِيعِهَا إذَا صَلَحَ ذَلِكَ فِيهَا، وَإِلَّا عَادَ إلَى مَا يُصْلَحُ لَهُ ذَلِكَ مِنْهَا.وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ، وَالْكَفَّارَةُ حَقُّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَلَا تُقْبَلُ الصَّدَقَةُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ لَا تَنْفُذُ إلَّا فِيمَا يَمْلِكُهُ.الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}: أَوْجَبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْكَفَّارَةَ فِي قَتْلِ الْمُؤْمِنِ بَيْنَ أَهْلِ الْحَرْبِ إذَا كَانَ خَطَأً، وَلَمْ يَذْكُرْ الدِّيَةَ.وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ؛ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا دِيَةَ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ، وَفِيهِ الْكَفَّارَةُ: أَمَّا وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ فَلِأَنَّهُ أَتْلَفَ نَفْسًا مُؤْمِنَةً.وَأَمَّا امْتِنَاعُ الدِّيَةِ عِنْدَهُمْ فَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا لَمْ تُجِبْ الدِّيَةُ لَهُمْ لِئَلَّا يَسْتَعِينُوا بِهَا عَلَى حَرْبِ الْمُسْلِمِينَ.وَقَالَ آخَرُونَ: إنَّمَا لَمْ تَجِبْ لَهُمْ دِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدٌ وَلَا مِيثَاقٌ.وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَعَوَّلَ عَلَى أَنَّ الْعَاصِمَ لِلْعَبْدِ فِي ذِمَّتِهِ «لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ»، وَأَنَّ الْعَاصِمَ لَهُ فِي مَالِهِ الدَّارُ؛ فَإِذَا أَسْلَمَ وَبَقِيَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَقَدْ اعْتَصَمَ عِصْمَةً قَوِيمَةً يَجِبُ بِهَا عَلَى قَاتِلِهِ الْكَفَّارَةُ، وَلَيْسَ لَهُ عِصْمَةٌ مُقَوَّمَةٌ؛ فَدَمُهُ وَمَالُهُ هَدَرٌ، وَلَوْ أَنَّهُ هَاجَرَ إلَى أَرْضِ الْإِسْلَامِ وَتَرَكَ أَهْلَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَا حُرْمَةَ لَهُمْ.وَهَذَا هُوَ قِطْعَةٌ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ؛ فَإِنَّ الدَّارَ عِنْدَ مَالِكٍ الْعَاصِمَةُ لِلْأَهْلِ وَالْمَالِ.وَقَدْ مَهَّدْنَا ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْإِسْلَامُ يَعْصِمُ مَالَ الْمُسْلِمِ وَأَهْلَهُ وَدَمَهُ حَيْثُ كَانُوا.وَالْمَسْأَلَةُ فِي نِهَايَةِ الْإِشْكَالِ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِيهَا أَسْلَمُ، وَعَلَى هَذَا عِنْدَ هَؤُلَاءِ لَمْ يُذْكَرْ أَنَّهُ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ الْمَالِكِيّ لَمْ يَذْكُرْهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مُسْتَحَقٌّ؛ فَلَوْ كَانَ لَهَا مُسْتَحَقٌّ لَوَجَبَتْ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ مَوْجُودٌ وَهُوَ الْإِسْلَامُ، وَجَلَّ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الدِّيَةَ؛ لِأَنَّ الْهِجْرَةَ كَانَتْ عَلَى مَنْ آمَنَ فَرْضًا، وَمَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجِرْ فَلَا إسْلَامَ لَهُ وَلَا وِلَايَةَ، فَأَمَّا مُذْ سَقَطَ فَرْضُ الْهِجْرَةِ بِعِصْمَةِ الْإِسْلَامِ فَوَجَبَ لَهُ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ أَيْنَمَا كَانَ.الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}: وَالْمِيثَاقُ هُوَ الْعَهْدُ الْمُؤَكَّدُ الَّذِي قَدْ ارْتَبَطَ وَانْتَظَمَ، وَمِنْهُ الْوَثِيقَةُ فَفِيهِ الدِّيَةُ.قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا هُوَ الْكَافِرُ الَّذِي لَهُ وَلِقَوْمِهِ الْعَهْدُ، فَعَلَى قَاتِلِهِ الدِّيَةُ لِأَهْلِهِ وَالْكَفَّارَةُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ، وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ وَالشَّافِعِيُّ.وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ زَيْدٍ وَالْحَسَنُ: الْمُرَادُ بِهِ، وَهُوَ مُؤْمِنٌ.وَاخْتَارَ الطَّبَرِيُّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَقْتُولَ الْكَافِرَ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَهْمَلَهُ وَلَمْ يَقُلْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، كَمَا قَالَ فِي الْقَتِيلِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَمِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَإِطْلَاقُهُ مَا قَيَّدَ قَبْلَ ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّهُ خِلَافُهُ.وَهَذَا عِنْدَ عُلَمَائِنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ نُسِّقَتْ عَلَى مَا قَبْلَهَا وَرُبِطَتْ بِهَا؛ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا حُكْمَهُ.الثَّانِي: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ: {فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ} وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي دِيَةِ الْكَافِرِ، فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا كَدِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا عَلَى النِّصْفِ، وَهُوَ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا ثُلُثَ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَهُوَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ.وَالدِّيَةُ الْمُسَلَّمَةُ هِيَ الْمُوَفَّرَةُ.قَالَ الْقَاضِي: وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا قَبَلهَا حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَهُوَ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ، وَقَدْ أَتَيْنَا فِيهِ بِالْعَجَبِ فِي الْمَحْصُولِ، وَهُوَ عِنْدِي لَا يَلْحَقُ إلَّا بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ.وَالدَّلِيلُ عَلَى حَمْلِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا هِيَ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ شَخْصًا عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ؛ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُخَلِّصَ آخَرَ لَهَا.وَالثَّانِي: أَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا هِيَ زَجْرٌ عَنْ الِاسْتِرْسَالِ وَتُقَاةٍ لِلْحَذَرِ، وَحَمْلٌ عَلَى التَّثَبُّتِ عِنْدَ الرَّمْيِ؛ وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ.وَأَمَّا فِي حَقِّ الْكَافِرِ فَلَا يَلْزَمُ فِيهِ مِثْلُ هَذَا.وَنُحَرِّرُ هَذَا قِيَاسًا فَنَقُولُ: كُلُّ كَافِرٍ لَا كَفَّارَةَ فِي قَتْلِهِ كَالْمُسْتَأْمَنِ وَقَدْ اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِي قَتْلِهِ، وَلَا عُذْرَ لَهُمْ عَنْهُ بِهِ احْتِفَالٌ.الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ هُوَ الْمُؤْمِنُ، فَمَنْ قَتَلَ كَافِرًا خَطَأً، وَلَهُ عَهْدٌ فَفِيهِ الدِّيَةُ إجْمَاعًا.وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ أَصْلٌ بَدِيعٌ فِي رَفْعِ الدِّمَاءِ.وَنَحْنُ نُمَهِّدُ فِيهِ قَاعِدَةً قَوِيَّةً فَنَقُولُ: مَبْنَى الدِّيَاتِ فِي الشَّرِيعَةِ عَلَى التَّفَاضُلِ فِي الْحُرْمَةِ وَالتَّفَاوُتِ فِي الْمَرْتَبَةِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ يَتَفَاوَتُ بِالصِّفَاتِ، بِخِلَافِ الْقَتْلِ، لِأَنَّهُ لَمَّا شُرِعَ زَجْرًا لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ ذَلِكَ التَّفَاوُتُ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا نَظَرْنَا إلَى الدِّيَةِ فَوَجَدْنَا الْأُنْثَى تَنْقُصُ فِيهِ عَنْ الذَّكَرِ؛ وَلابد أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْكَافِرِ؛ فَوَجَبَ أَلَّا يُسَاوِيهِ فِي دِيَتِهِ.وَزَادَ الشَّافِعِيُّ نَظَرًا، فَقَالَ: إنَّ الْأُنْثَى الْمُسْلِمَةَ فَوْقَ الْكَافِرِ الذَّكَرِ، فَوَجَبَ أَنْ تَنْقُصَ دِيَتُهُ عَنْ دِيَتِهَا، فَتَكُونَ دِيَتُهُ ثُلُثَ دِيَةِ الْمُسْلِمِ.وَقَالَ مَالِكٌ بِقَضَاءِ عُمَرَ وَهُوَ النِّصْفُ؛ إذْ لَمْ يُرَاعِ الصَّحَابَةُ التَّفَاوُتَ بَيْنَهُمَا إلَّا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَمْ يَتْبَعْ ذَلِكَ إلَى أَقْصَاهُ، وَلَيْسَ بَعْدَ قَضَاءِ عُمَرَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ نَظَرٌ.وَمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «أَنَّهُ أَعْطَى فِي ذِي الْعَهْدِ مِثْلَ دِيَةِ الْمُسْلِمِ» فَإِنَّمَا كَانَ عَلَى مَعْنَى الِاسْتِئْلَافِ لِقَوْمِهِمْ؛ إذْ كَانَ يُؤَدِّيهِ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ وَلَا يُرَتِّبُهَا عَلَى الْعَاقِلَة، وَإِلَّا فَقَدْ اسْتَقَرَّ مَا اسْتَقَرَّ عَلَى يَدِ عُمَرَ، حَتَّى جَعَلَ فِي الْمَجُوسِيِّ ثَمَانَمِائَةِ دِرْهَمٍ لِنَقْصِهِ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مُرَاعَاةِ التَّفَاوُتِ وَاعْتِبَارِ نَقْصِ الْمَرْتَبَةِ.الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ}: ظَنَّ قَوْمٌ أَوَّلُهُمْ مَسْرُوقٌ أَنَّ الصِّيَامَ بَدَلٌ عَنْ الدِّيَةِ وَالرَّقَبَةِ، وَسَاعَدَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ.وَهُوَ وَهْمٌ؛ لِأَنَّ الصِّيَامَ يَلْزَمُ الْقَاتِلَ فَهُوَ بَدَلٌ عَمَّا كَانَ يَلْزَمُهُ مِنْ الرَّقَبَةِ، وَالدِّيَةُ لَمْ تَكُنْ تَلْزَمُهُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلٌ عَنْهَا.وَهَذَا أَظْهَرُ مِنْ إطْنَابٍ فِيهِ.الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: لَمَّا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} انْحَصَرَ الْقَتْلُ فِي خَطَأٍ وَعَمْدِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ ثَالِثًا؛ وَهُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ، وَجَعَلُوهُ عَمْدًا خَطَأً، كَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ أَنَّهُ عَمْدٌ مِنْ وَجْهٍ خَطَأٍ مِنْ وَجْهٍ.وَاَلَّذِي أَشَارُوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ؛ فَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: أَلَا إنَّ فِي قَتِيلِ عَمْدِ الْخَطَأِ قَتِيلِ السَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ.قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: هَذَا حَدِيثٌ لَمْ يَصِحَّ، وَقَدْ رُوِيَشِبْهُ الْعَمْدِ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالْفُقَهَاءُ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، وَحَكَى الْعُلَمَاءُ عَنْ مَالِكٍ الْقَوْلَ بِشِبْهِ الْعَمْدِ، وَأَنَّ الْقَتْلَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ، وَلَكِنْ جُعِلَ شِبْهُ الْعَمْدِ فِي مِثْلِ قِصَّةِ الْمُدْلِجِيِّ فِي نَظَرِ مَنْ أَثْبَتَهُ أَنَّ الضَّرْبَ مَقْصُودٌ وَالْقَتْلَ غَيْرُ مَقْصُودٍ؛ وَإِنَّمَا وَقَعَ بِغَيْرِ الْقَصْدِ فَيَسْقُطُ الْقَوْدُ، وَتَغْلُظُ الدِّيَةُ.وَبَالَغَ أَبُو حَنِيفَةَ مُبَالَغَةً أَفْسَدَتْ الْقَاعِدَةَ، فَقَالَ: إنَّ الْقَاتِلَ بِالْعَصَا وَالْحَجَرِ شِبْهَ الْعَمْدِ فِيهِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ وَلَا قَوْدَ فِيهِ، وَهَذَا بَاطِلٌ قَطْعًا، وَقَدْ مَهَّدْنَاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ. اهـ.
|